الرباط-أسامة بلفقير
أدان البرلمان الأوروبي أمس الثلاثاء، في ستراسبورغ بالإجماع قمع واعتقال الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال من قبل النظام الجزائري. حيث تم تخصيص جلسة لمناقشة قضية اعتقاله والدعوة إلى إطلاق سراحه الفوري وغير المشروط، وكذا قمع حرية التعبير في الجزائر.
رسائل دعم وتحذيرات للجزائر
عرفت مناقشة قضية الكاتب صنصال حضور المفوضة الأوروبية هيلينا دالي، التي شددت في تدخلها على ضرورة سيادة القانون وحرية التعبير و اعتبرت أنهما قيمتان أساسيتان للاتحاد الأوروبي.
ومن جهته دعا فرانسوا كزافييه بيلامي، النائب عن حزب الشعب الجمهوري، إلى ممارسة ضغوط أوروبية على الجزائر لإجبارها على الإفراج عن بوعلام صنصال. وشملت اقتراحاته وقف المساعدات التنموية المقدمة للجزائر، بالإضافة إلى إعادة النظر في اتفاقية الهجرة القائمة بين فرنسا والجزائر.
كما وصف رافائيل غلوكسمان، زعيم الاشتراكيين وحزب “Place Publique”، النظام الجزائري بأنه ديكتاتورية تاريخية اشتهرت بقمعها للمثقفين وسعيها الدائم لإسكات الأصوات الحرة المعارضة.
و انتقد بيروقراطيي الفكر في فرنسا، لتركيزهم على مهاجمة الكاتب الجزائري-الفرنسي بوعلام صنصال بدلا من توجيه انتقاداتهم للنظام الجزائري الذي يقف وراء اعتقاله.
و في السياق ذاته، وصفت ماريون ماريشال النظام الجزائري “بالدولة المارقة التي تحركها كراهية فرنسا”، معتبرة اعتقال صنصال بأنه “عملية احتجاز رهينة”. كما أشادت بمعركته الفكرية المستمرة ضد النظام الجزائري والجماعات الإسلامية المتطرفة، مؤكدة ضرورة دعمه في مواجهة كل هذه الضغوط.
خيارات العقوبات المتوقعة من الإتحاد الاوروبي على الجزائر
تشهد أروقة الاتحاد الأوروبي حراكا مكثفا لمناقشة احتمال فرض عقوبات على الجزائر، في ظل تزايد الانتقادات الموجهة لنظامها بسبب اعتقال الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال.
و تشمل الخيارات المطروحة أمام الاتحاد الأوروبي وقف المساعدات التنموية الممنوحة للجزائر، وهي مساعدات تهدف إلى دعم مشاريع البنية التحتية والتنمية الاقتصادية. كما دعا بعض النواب إلى مراجعة اتفاقيات الشراكة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، بما في ذلك اتفاقيات الهجرة، التي تعتبر من القضايا الحساسة بالنسبة للطرفين.
و إذا قرر الاتحاد الأوروبي المضي قدما في فرض العقوبات، فقد تتأثر العلاقات الثنائية بين الطرفين بشكل كبير، خاصة على المستوى الاقتصادي. حيث تعتبر الجزائر شريكا رئيسيا للاتحاد الأوروبي في مجالات الطاقة، ما يجعل أي تصعيد خطوة محفوفة بالمخاطر.
صنصال رمز للفكر السياسي
من داخل سجنه، ربما لا يكون بوعلام صنصال على علم بتفاصيل هذا الاجتماع الهام، إلا أن اعتقاله تحول إلى قضية دولية بفضل تصاعد الحملة التضامنية التي أطلقها المثقفون والناشطون في جميع أنحاء العالم. صنصال، الذي لا يعد مجرد كاتب جزائري، بل هو أيضا ناشط سياسي بارز، عرف بآرائه الجريئة وكتاباته التي تتحدى النظام الجزائري وتفضح العديد من الممارسات القمعية في البلاد.
وقد أظهر صنصال في أعماله الأدبية تفانيا في الدفاع عن حرية التعبير وعن حقوق الإنسان، وكان دائما في طليعة المعارضين لأشكال الاستبداد السياسي. وفي كل هذا النضال الفكري، وقع في قبضة النظام الجزائري الذي يرى في صوته تهديدا لاستقرار السلطة.
ومع ذلك، تبقى مواقفه الأدبية والسياسية محط إعجاب عالمي، حيث تحولت قضيته إلى قضية حقوقية تهم العالم بأسره. حيث أظهرت جميع الأحزاب السياسية في الاتحاد الأوروبي، دون استثناء، دعما كاملا لمطالبة السلطات الجزائرية بالإفراج عن الكاتب فورا، كما أكدوا على ضرورة ممارسة ضغوط دبلوماسية فاعلة لإنهاء معاناته.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الإعلامي المستقل صدر بحقه حكم بالسجن لمدة سبع سنوات في عام 2022، بتهمة تلقي تمويل أجنبي لشركته بهدف “تنفيذ أنشطة تهدد أمن الدولة”.
تعليقات
0