تونس تدخل حقبة الجيل الخامس بتوجه استراتيجي نحو المستقبل الرقمي

تونس تدخل حقبة الجيل الخامس بتوجه استراتيجي نحو المستقبل الرقمي

تشهد تونس تحولاً نوعياً في مشهدها الرقمي مع منح تراخيص الجيل الخامس لثلاث أبرز شركات الاتصالات في البلاد: “اتصالات تونس”، و”أورنج تونس”، و”أوريدو تونس”. يمثل هذا القرار خطوة استراتيجية تعزز مكانة البلاد على خارطة التحول التكنولوجي، مع انطلاق العمليات التجارية المخطط لها في أوائل عام 2025.

التراخيص الممنوحة تمتد لمدة 15 عاماً وتشمل 5 ميغاهرتز من الطيف الثنائي في نطاق 700 ميغاهرتز، و100 ميغاهرتز من الطيف بتقنية TDD في نطاق 3.5 غيغاهرتز. كما تم تخصيص ثلاث كتل إضافية من 20 ميغاهرتز للتخصيص المستقبلي عند طلب الشركات، مما يعكس التزام السلطات بدعم تطوير مستدام لمنظومة الجيل الخامس. ولتشجيع نشر هذه التقنية، اعتمدت الحكومة سياسة تسعير أقل بكثير مقارنة بتقنيات الجيل الرابع، بهدف تسريع انتشار الشبكات وضمان تقديم سرعات إنترنت أعلى وخدمات مبتكرة متعددة.

وزير تكنولوجيا الاتصال، السيد سفيان حميصي، وصف الاتفاق بأنه محطة محورية في تطوير البنية التحتية للاتصالات بتونس. وأكد أن هذه الخطوة ليست مجرد تحديث تقني، بل هي قفزة نوعية تستهدف تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمؤسسات الاقتصادية. كما أشار إلى أن هذا الإنجاز هو نتاج عملية شاملة شملت تجارب واختبارات ومشاريع تجريبية استعداداً للإطلاق المتوقع في عام 2025.

الجيل الخامس: دعامة التحول الرقمي في تونس

يتماشى اعتماد تقنية الجيل الخامس مع رؤية تونس للتحول الرقمي، التي تهدف إلى توفير اتصال سريع وموثوق لدعم قطاعات حيوية مثل الصحة، والتعليم، والمدن الذكية، والزراعة. وتعد هذه الخطوة بمثابة أداة رئيسية لتعزيز رقمنة الخدمات الحكومية، وتحسين الأمن السيبراني الوطني، وضمان السيادة الرقمية، وبناء مناخ من الثقة، وهو ما يعزز من مكانة تونس في العصر الرقمي.

تونس تدخل سباق الجيل الخامس الإقليمي بقوة

مع منح تراخيص الجيل الخامس، تدخل تونس بقوة إلى سباق التقنية مع دول شمال إفريقيا الأخرى، حيث تلحق بركب التحول إلى الجيل الجديد من الاتصالات. على سبيل المثال، وضع المغرب خطة طموحة لنشر شبكات الجيل الخامس على نطاق واسع، مع التركيز على تلبية الطلب المتزايد على خدمات الاتصال المتطورة.

هذا الاتجاه يعكس إدراكاً متزايداً بأهمية الجيل الخامس كعنصر محوري في إعادة تشكيل الاقتصادات المحلية. فإلى جانب تحسين سرعات الاتصال وتقديم خدمات رقمية متقدمة، تسهم هذه التقنية في تعزيز التنوع الاقتصادي وتقليل الفجوات الرقمية. كما يدفع سباق الجيل الخامس نحو شراكات أقوى بين القطاعين العام والخاص، مما يفتح الباب أمام فرص ابتكار جديدة وبناء منظومات رقمية تنافسية.

إمكانات اقتصادية هائلة تنتظر تونس

مع توقيع اتفاقيات الجيل الخامس، تستعد شركات “اتصالات تونس”، و”أورنج تونس”، و”أوريدو تونس” لإطلاق البنية التحتية اللازمة بحلول عام 2025. ويفتح هذا التحول التكنولوجي آفاقاً واسعة لتطوير القطاعات الصناعية والتكنولوجية، مما يتيح تطبيقات متقدمة تشمل إنترنت الأشياء (IoT) والذكاء الاصطناعي (AI) والخدمات السحابية.

وزارة تكنولوجيا الاتصال أكدت حرصها على تحقيق تغطية شاملة تمتد إلى المناطق الريفية والنائية، بهدف تحقيق العدالة في توفير الخدمات الرقمية لجميع التونسيين. وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى جعل تونس مركزاً إقليمياً للابتكار والتنافسية على المستويين الإقليمي والقاري.

في ظل هذه الثورة التكنولوجية، تم تجهيز مشغلي الاتصالات بإطار تنظيمي داعم يمكّنهم من استغلال إمكانات الجيل الخامس بشكل كامل. ومع وجود شراكات قوية، وتنظيم استباقي، وخارطة طريق واضحة، تبدو تونس على أهبة الاستعداد لفتح فصل جديد في تاريخها الرقمي، لصالح مواطنيها واقتصادها.

أضف تعليقك

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0